نعم تلدنا امهاتنا صغارا و مع خطواتنا الاولى فى الحياة تولد احلامنا احلام تسع الدنيا جميعها و مع كل يوم نكبره تكبراحلامنا سنة من عمرها الى ان يملىء الشيب راس احلامنا و نحن فى ريعان شبابنا . تصير احلامنا كهلا عجوزا اشجارها اليانعة خشبا مخوخا وتصير ورودها العطرة ورود زابلة ذات رائحة عفنة و يصبح عليك اما الاختيار بين هذه الكهلة الاصيلة التى عاشت معك الحياة يوما بيوم و خطوة بخطوة و بين عروس زائفة ذات الوان صناعية مبهرة من الخارج و لكنها دمية بلستيكية تفتقد الدفء و الحياة بين ان تزكم انوفك برائحة احلامك العطنة او تستمتع بعطر العروس المسمم القاتل
نعم ما اصعبه اختيار بين ان تعيش على ارض الواقع او ان تتعايش على ارض الخيال ان تدهسك احلامك تحت ارجلها او يرفعك خيالك الى السماء ثم يلقيك حينما يريد على ارض صلبة كلاهما موت بطىء. اما ان تموت و انت ملتصق بالارض او تموت و انت طائر فى الهواء
نعم اخترت الموت الجميل . ان اموت دهسا تحت اقدام تلك العجوز فما اجمل ان تموت تحت اقدام من عشت حياتك تعشقها و تحلم باليوم الذى تزف اليها و تاخذها بين احضانك و تقبلها قبلة المشتاق الملتاع . نعم انا اكذب فلا يوجد موت جميل الموت هو الموت و الحزن هو الحزن و الالم هو الالم . لكنها محاولة منى لكى اخفف تلك الجروح و ألم تلك العجوز المسماه احلام التى عاشت معى و كبرت يوما بيوم نعم احببتها حب حقيقى و سعيت و بذلت العرق و الدم و كل ما استطيع لكى اصل اليها و لكن يبدو انها لم تحبنى بمثل هذا القدر او يبدو جدا انها لم تشعر اصلا بوجودى